إن ما دفعني للبحث في هذا الموضوع هو ما رأيته خلال عملي في هيئات تسوية الخلافات العمالية من عقود يتغلغل البطلان في أساسها أو يشوب بعض بنودها ، مما يؤثر ــ بلا شك ــ على العلاقة العمالية وطبيعتها الخاصة ، ونظراً لحاجة عقود العمل لمزيد من البحث العميق في طبيعتها وسبل تنفيذها ولخصوصيتها .
وقد تناولت الدراسة تأثير البطلان على عقود العمل في حالات أوردها المنظم من خلال نصوص النظام ، مما يتعلق بعمل المرأة والطفل وبعض الاستثناءات الواردة على عمل غير السعوديين ، كما ناقشت الدراسة بطلان بعض شروط عقد العمل ومدى سريان هذا البطلان إلى كامل العقد . وقد تناولنا في بداية هذه الدراسة ماهية البطلان من خلال الحديث عن مفهومه والأساس الذي يقوم عليه ، وسقنا في ذلك ما طرحه الفقه القانوني في هذا الصدد من حيث تبنيه لنظرية البطلان وآراء الفقهاء حولها ، وبعد ذلك أوضحنا ما نعتقده من حيث الاتجاه الذي سار به المنظم السعودي في تكييف البطلان وماهية البطلان ، واستمر الحديث بعد ذلك عن أنواع البطلان المطلق والنسبي ، ليكون المبحث التمهيدي توطئة لما سيأتي بعده من آثار ستلحق بالعقد الذي يشوبه نوع من أنواع هذا البطلان ، ومدى تأثيره على القد من حيث الصحة وعدمها .
وتطرقت الدراسة بعد ذلك في الفصل الأول إلى تحديد ملامح البطلان في نظام العمل السعودي ، حيث قمنا بتتبع نصوص المواد وتحديد الأسباب المؤدية إلى البطلان ، سواء كانت هذه الأسباب أسباباً موضوعية تتعلق بالنظام الاجتماعي العام أو بركني السبب والمحل في عقد العمل ، على اعتبار أن هذه الأسباب تؤدي إلى نتائج قياسية في علاقات العمل ، لارتباطها بالأسباب الموضوعية الخارجة عن أطراف علاقة العمل أو كانت أسباباً ذاتية تتعلق بسلامة الإرادة من العيوب التي قد تؤثر على الرضا ومدى تأثير هذه العيوب ي عقود العمل حال وجودها ومن له حق التمسك بها ، وقد أوردنا في هذا الفصل العديد من الأحكام القضائية التي تضمنت في حيثياتها تطبيقاً قضائياً لبعض الأفكار التي سقناها في ثنايا هذه الدراسة ، وعززنا بعض الآراء التي طرحناها بنصوص نظامية من واقع العمل السعودي .
ثم انتقلنا بعد ذلك إلى الآثار التي يخلفها البطلان في عقود العمل ، ومدى إعمال هذه الآثار في عقود العمل ، نظراً للطبيعة الخاصة التي تتميز بها عقود العمل باعتبارها تمس شخص العامل مساساً لا يقبل الانفكاك بخلاف العقود الأخرى التي غالباً ما تكون متعلقة بالذمة المالية للمدين . وقد تحدثنا في الفصل الثاني من هذه الدراسة عن العلاقة العمالية بن الواقع المشاهد والنصوص النظامية من حيث توفر عناصر عقد العمل في عقود العمل الباطلة ، ومدى كفاية هذه العناصر في العقود الباطلة لتطبيق نصوص نظام العمل على مثل هذه الحالات ، وتحدثنا أيضاً عن أساس المسؤولية في عقود العمل الباطلة باعتبارها الركيزة التي تقوم عليها الأحكام القضائية ، وهل يصمد عقد العمل الباطل بما يحتويه من بنود أن يكون أساساً للمسؤولية بين طرفيه أم أن المسؤولية التقصيرية ستكون هي الأساس القانوني الذي يُبنى عليه الحكم في مثل هذه القضايا دائماً . ثم انتقلنا من المبحث الثاني من الفصل الثاني من هذه الدراسة للحديث عن المعوقات التي قد تعيق تطبيق الأثر الرجعي للبطلان في عقد العمل وأوردنا لذلك عدة أمثلة وشواهد من الواقع العملي لتلك المعوقات . وفي نهاية هذه الدراسة تناولنا بالحديث فكرة تصحيح عقد العمل الباطل ومحاولة الحفاظ على قيام العقد وعدم إهماله رغم ما يشوبه من حالات البطلان ، وأوردنا آراء الفقهاء وأحكام القضاء .
للحصول على نسخة من هذه الرسالة:
يمكنكم التواصل مع مركز البحوث والدراسات الإستشارية عبر البريد الإلكتروني research.request@arabeast.edu.sa أو هاتف 00966 11 2688452 .