يشهد العالم تقدماً هائلاً في مجال تقنية المعلومات ووسائل استخدامها، وهو ما ترتب عليه ظهور أنواع جديدة من الجرائم تتناسب والصبغة الخاصة لهذا المجال، والتي سميت بالجرائم السيبرانية (الجرائم الإلكترونية). تلك الجرائم اجتاحت العالم بشكل كبير؛ وكان السبب وراء ذلك سهولة ارتكابها بعيداً عن الرقابة الأمنية، وكونها جريمة عابرة للحدود غير مقيدة بعنصر الزمان ولا المكان.
هذا التوغل في حياة الفرد والمجتمع برهن بجلاء عن ظهور قيم جديدة ترتبط بالأجهزة الرقمية، والتي تتطلب ضرورة الحرص عليها وحمايتها من العدوان. فليس من المغالاة القول بأن العبث بأنظمة الحاسوب ألقى بظلاله على النواحي الأمنية، فتعددت وتنوعت مصادر الأخطار الأمنية التي تستهدف تقويض الأمن وزعزعة الاستقرار في المجتمعات.
وقد لوحظ أن الأدلة الجنائية سابقاً كانت تقتصر على أدلة مادية ملموسة أو مرئية أو مسموعة، للرجل العادي أن يتعامل معها، إلا أنه مع ظهور الجرائم التقنية، أدى إلى وجود طبيعة معلوماتية غير ملموسة، ولا يستطيع التعامل معها إلا من كان متخصصاً في استخدام التقنيات المعلوماتية. وقد أثبتت الأدلة الجنائية الرقمية تميزها كوسيلة إثبات، وأن لها من الخصائص العلمية والمواصفات القانونية ما يؤهلها لتكون إضافة جديدة لتقنيات الأدلة الجنائية، بل إن قيامها على نظريات حسابية مؤكدة، جعل منها وسيلة يقينية لا يتطرق إليها الشك في أحيان كثيرة.
فتبدو أهمية البحث من خلال تسليط الضوء على أهمية دور الأدلة الجنائية الرقمية المصاحبة للجرائم المعلوماتية في ظل ما تشهده الساحة المعلوماتية من زيادة مضطردة في تلك الجرائم التي تخلف ورائها أثاراً لا حد لها. وكذلك التعرف على أنماط الجريمة السيبرانية وكيفية إثباتها بالتقنيات الرقمية. إضافة إلى دور المتغيرات العلمية والتقنيات المتجددة يوماً بعد يوم باعتبارها خطوات متسارعة نحو العصر الرقمي. وتقديم ما يمكن من اقتراحات لاستكمال أوجه مكافحة الجرائم المعلوماتية.
وتمت معالجة البحث من خلال المباحث الآتية:
- المبحث الأول : الطبيعة الخاصة للجرائم السيبرانية.
- المبحث الثاني : الدليل الرقمي ومكافحة الجرائم السيبرانية.
وانتهى البحث بعدد من النتائج والتوصيات التي قد نرى أنها قد تعزز دور الجهات المعنية في مجال مكافحة الجريمة والوقاية منها.